الشيخ يوسف القرضاوى
تحريم التدخين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه ومن نهج نهجه، أما بعد فقد ظهر هذا النبات المعروف الذي يطلق عليه اسم "الدخان" او "التبغ " أو " التمباك " أو " التتن "، في آخر القرن العاشر الهجري، وبدأ استعماله يشيع بين الناس، مما أوجب على علماء ذلك العصرأن يتكلموا في بيان حكمه الشرعي
.ونظرا لحداثته وعدم وجود حكم سابق فيه للفقهاء المجتهدين، ولا من لحقهم من أهل التخريج والترجيح في المذاهب، وعدم تصورهم لحقيقته ونتائجه تصورا كاملا ، مبنيا على دراسة علمية صحيحة، اختلفوا فيه اختلافا بينا فمنهم من ذهب إلى حرمته ، ومنهم من أفتى بكراهته ، ومنهم من قال بإباحته ، ومنهم من توقف فيه وسكت عن البحث عنه (1)، وكل أهل مذهب من المذاهب الأربعة- السنية- فيهم من حرمه، وفيهم من كرهه، وفيهم من أباحه. ولهذا لا نستطيع أن ننسب إلى مذهب القول بإباحة أو تحريم أو كراهة.
ويبدو لي أن الخلاف بين علماء المذاهب عند ظهور الدخان، وشيوع تعاطيه، واختلافهم في إصدار حكم شرعي في استعماله، ليس منشؤه في الغالب اختلاف الأدلة، بل الاختلاف في تحقيق المناط. فمنهم من أثبت للتدخين عدة منافع في زعمه. ومنهم من أثبت له مضار قليلة تقابلها منافع موازية لها. ومنهم من لم يثبت له أية منافع، ولكن نفى عنه الضرر وهكذا. ومعنى هذا أنهم لو تأكدوا من وجود الضرر في هذا الشيء لحرموه بلا جدال.
وهنا نقول: إن إثبات الضرر البدني أو نفيه في "الدخان " ومثله مما يتعاطى ليس من شأن علماء الفقه،. بل من شأن علماء الطب والتحليل. فهم الذين يسألون هنا، لأنهم أهل العلم والخبرة. قال تعالى: "فاسأل به خبيراً" وقال: "ولا ينبئك مثل خبير". أما علماء الطب والتحليل فقد قالوا كلمتهم في بيان آثار التدخين الضارة على البدن بوجه عام، وعلى الرئتين والجهاز التنفسي بوجه خاص، وما يؤدي إليه من الإصابة بسرطان الرئة مما جعل العالم كله في السنوات الأخيرة يتنادى بوجوب التحذير من التدخين.
وفي عصرنا ينبغي أن يتفق العلماء على الحكم وذلك أن حكم الفقيه هنا يبنى على رأي الطبيب، فإذا قالت الطبيب إن هذه الآفة- التدخين- ضارة بالإنسان فلابد أن يقول الفقيه هذه حرام، لأن كل ما يضر بصحة الإنسان يجب أن يحرم شرعا. على أن من أضرار التدخين مالا يحتاج إثباته إلى طبيب اختصاصي ولا إلى محلل كيماوي، حيث يتساوى في معرفته عموم الناس، من مثقفين وأميين.
علة التحريم: أما ما يقوله بعض الناس: كيف تحرمون هذا النبات بلا نص؟
فالجواب أنه ليس من الضروري أن ينص الشارع على كل فرد من المحرمات، وإنما هو يضع ضوابط أو قواعد تندرج تحتها جزئيات نخشى، وأفراد كثيرة. فإن القواعد يمكن حصرها. أما الأمور المفردة فلا يمكن حصرها. ويكفي أن يحرم الشارع الخبيث أو الضار، ليدخل تحته ما لا يحصى من المطعومات والمشروبات الخبيثة أو الضارة، ولهذا أجمع العلماء على تحريم الحشيشة ونحوها من المخدرات، مع عدم وجود نص معين بتحريمها على الخصوص. وهذا الإمام أبو محمد بن حزم الظاهري، نراه متمسكا بحرفية النصوص وظواهرها، ومع هذا يقرر تحريم ما يستضر بأكله، أخذا من عموم النصوص. قال: ((وأما كل ما أضر فهو حرام لقول النبي صلي الله عليه وسلم : إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فمن أضر بنفسه أو بغيره فلم يحسن، ومن لم يحسن فقد خالف كتاب (أي كتابة) الله الإحسان على كل شئ. ". ويمكن أن يستدل لهذا الحكم أيضأ بقوله صلي الله عليه وسلم : "لا ضرر ولا ضرار". كما يمكن الاستدلال بقوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ). ومن أجود العبارات الفقيهة في تحريم تناول المضرات عبارة الإمام النووي في روضته قال: "كل ما أضر أكله، كالزجاج والحجر والسم، يحرم أكله. وكل طاهر لا ضرر في أكله يحل أكله، إلا المستقذرات الطاهرات، كالمني والمخاط. فإنها حرام على الصحيح... ويجوز شرب دواء فيه قليل سم إذا كان الغالب السلامة، واحتيج إليه ".
الضرر المالي: لا يجوز للإنسان أن ينفق ماله فيما لا ينفعه لا في الدنيا ولا في الدين، لأن الإنسان مؤتمن على ماله مستخلف فيه. وكذلك فإن الصحة والمال وديعتان من الله ولذا لا يجوز للإنسان أن يضر صحته أو يضيع ماله. ولذلك نهى النبي صلي الله عليه وسلم عن إضاعة المال. والمدخن يشتري ضرر نفسه بحر ماله. وهذا أمر لا يجوز شرعا. قال الله تعالى: (ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين ) ولا يخفى أن إنفاق المال في التدخين إضاعة له. فكيف إذا كان مع الإتلاف للمال ضرر متحقق يقينا أو ظنا. أي أنه اجتمع عليه إتلاف المال وإتلاف البدن معا.
ضرر الاستعباد: وهناك ضرر آخر، يغفل عنه عادة الكاتبون في هذا الموضوع وهو الضرر النفسي، وأقصد به، أن الاعتياد على التدخين وأمثاله، يستعبد إرادة الإنسان، ويجعلها أسيرة لهذه العادة السخيفة، بحيث لا يستطيع أن يتخلص منها بسهولة إذا رغب في ذلك يوما لسبب ما، كظهور ضررها على بدنه، أو سوء أثرها في تربية ولده، أو حاجته إلى ما ينفق فيها لصرفه في وجوه أخرى أنفع وألزم، أو نحو ذلك من الأسباب. ونظرا لهذا الاستعباد النفسي، نرى بعض المدخنين، يجور على قوت أولاده، والضروري من نفقة أسرته، من أجل إرضاء مزاجه هذا، لأنه لم يعد قادرا على التحرر منه.وإذا عجز مثل هذا يوما عن التدخين، لمانع داخلي أو خارجي، فإن حياته تضطرب، وميزانه يختل، وحاله تسوء، وفكره يتشوش، وأعصابه تثور لسبب أولغيرسبب. ولاريب أن مثل هذا الضررجدير بالاعتبار في إصدارحكم على التدخين.
التدخين محرم شرعا : ليس للقول بحل التدخين أي وجه في عصرنا بعد أن أفاضت الهيئات العلمية الطبية في بيان أضراره، وسيء آثاره، وعلم بها الخاص والعام، وأيدتها لغة الأرقام. وإذا سقط القول بالإباحة المطلقة، لم يبق إلا القول بالكراهة أو القول بالتحريم. وقد اتضح لنا مما سبق أن القول بالتحريم أوجه وأقوى حجة. وهذا هو رأينا. وذلك لتحقق الضرر البدني والمالي والنفسي باعتياد التدخين. لأن كل ما يضر بصحة الإنسان يجب أن يحرم شرعا. والله تعالى يقول(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) ويقول جل جلاله (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) ويقول الله عز وجل (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) ، (ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين )،
فهناك ضرر بدني ثابت وهناك ضرر مالي ثابت كذلك، فتناول كل ما يضر الإنسان يحرم، لقوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم ) . من أجل هذا يجب أن نفتي بحرمة هذا التدخين في عصرنا.
والواقع الذي لاشك فيه هو ان الأطباء يجمعون على أن في التدخين ضررا مؤكدا. صحيح أن ضرره ليس فوريا ، ولكنه ضرر تدريجي. والضرر التدريجي كالضرر الفوري في التحريم، فالسم البطيء كالسم السريع كلاهما يحرم تناوله على الإنسان.والانتحار محرم بنوعيه السريع والبطيء، والمدخن ينتحر انتحارا بطيئا. والإنسان لا يجوز أن يضر أو يقتل نفسه، ولا أن يضر غيره. ولهذا قال النبي صلي الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار" أي لا تضر نفسك ولا تضر غيرك، فهذا ضرر مؤكد على نفس الإنسان بإجماع أطباء العالم، لهذا أوجبت دول العالم على كل شركة تعلن عن التدخين أن تقول إنه ضار بالصحة بعد أن استيقن ضرره للجميع، لهذا لا يصح أن يختلف الفقهاء في تحريمه.
والضرورات الخمس التي ذكرها الأصوليون وفقهاء الدين، وأوجبوا الحرص على المحافظة عليها وعدم الإضرار بها هي الدين والنفس والعقل والنسل والمال. وكلها تتأثر بهذه الآفة. فدين الإنسان يتأثر، فمن الناس من لا يصوم رمضان لأنه لا يستطيع أن يمتنع عن التدخين. والنسل يتضرر بالتدخين، سواء كان المدخن أحد الأبوين أو كلاهما، بل إن الجنين يتضرر من تدخين أمه، بما يعني أن المدخن لا يضر نفسه فقط وإنما يضر غيره، وهناك ما يسمى الآن التدخين القسري، أو التدخين بالإكراه، فيدخن الإنسان رغم أنفه وهو لا يتناول السجارة وإنما يتناولها قهرا عندما يجلس بجوار إنسان مدخن أو في بيئة فيها التدخين.
فأنت أيها المدخن تضر نفسك وتضر غيرك رغم إرادته وأنفه، فمن أجل هذا الضرر وغيره يجب أن يحرم التدخين وأن يجمع العلماء على تحريمه. وقد أدار بعض العلماء معظم الحكم في التدخين على المقدرة المالية وحدها، أو عدمها، فيحرم في حالة عجز المدخن عن مصاريف التدخين، ويكره للقادر عليه. وهذا رأي غير سديد ولا مستوعب. فإن الضرر البدني والنفسي الذي أجمع العلماء والأطباء في العالم على تحققه له اعتباره الكبير، بجوار الضرر المالي. ثم إن الغني ليس من حقه أن يضيح ماله، ويبعثره فيما يشاء. لأنه مال الله أولا، ومال الجماعة ثانيا .
وينبغي للإنسان المسلم العاقل أن يمتنع عن هذه الآفة الضارة الخبيثة، فالتبغ لاشك من الخبائث، وليس من الطيبات، إذ ليس فيه أي نفع دنيوي أو نفع ديني.
ونصيحتي للشباب خاصة، أن ينزهوا أنفسهم عن الوقوع في هذه الآفة، التي تفسد عليهم صحتهم، وتضعف من قوتهم ونضرتهم، ولا يسقطوا فريسة للوهم الذي يخيل إليهم أن التدخين من علامات الرجولة، أو استقلال الشخصية. ومن تورط منهم في ارتكابها يستطيع التحرر منها، والتغلب عليها وهو في أول الطريق، قبل أن تتمكن هي منه، وتغلب عليه، ويعسر عليه فيما بعد النجاة من براثنها، إلا من رحم ربك.
وعلى أجهزة الإعلام أن تشن حملة منظمة بكل الأساليب على التدخين، وتبين مساوئه.
وعلى مؤلفي ومخرجي ومنتجي الأفلام والتمثيليات والمسلسلات، أن يكفوا عن الدعاية للتدخين، بوساطة ظهور السيجارة بمناسبة وغير مناسبة في كل المواقف.
وعلى الدولة أن تتكاتف لمقاومة هذه الآفة، وتحرير الأمة من شرورها، وإن خسرت خزانة الدولة الملايين فإن صحة الأمة وأبنائها، الجسمية والنفسية، أهم وأغلى من الملايين. والواقع أن الدولة هي الخاسرة ماليا عندما تسمح بالتدخين، لأن ما تننفقه في رعاية المرضى الذين يصيبهم التدخين بأمراض عديدة وخطيرة تبلغ أضعاف ما تجنيه من ضرائب تفرضها على التبغ، بالإضافة إلى ما تخسره من نقص الإنتاج بسبب زيادة تغيب المدخنين عن العمل نتيجة ما يعانونه من أمراض.
نسأل الله تبارك وتعالى أن ينير بصائرنا، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، إنه سميع قريب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحكام الأضحية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله وصحبه وبعد :فلما كانت الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة نتذكّر فيها توحيد الله ونعمته علينا وطاعة أبينا إبراهيم لربه وفيها خير وبركة كان لا بدّ للمسلم أن يهتم بأمرها ويعظّم شأنها وفيما يلي نبذة عن هذه الشعيرة العظيمة :
الأضحية
: هي ما يذبح من بهيمة الأنعام ( الإبل والبقر والغنم ) تقرباً إلى الله تعالى - في البلد الذي يقيم فيه المضحي - من بعد صلاة عيد النحر إلى آخر أيام التشريق ( وهو يوم الثالث عشر من ذي الحجة ) بنية الأضحية ، قال تعالى : ( فصل لربك وانحر ) سورة الكوثر وقال تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) سورة الأنعام أية 162 ، ( ونسكي أي ذبحي ) وقال تعالى : ( ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلِموا ) سورة الحج /34
.والأضحية سنة مؤكدة في قول أكثر أهل العلم ، ( وقال بعض العلماء بوجوبها وسيأتي تفصيل ذلك ) والأصل أنها مطلوبة في وقتها من الحي عن نفسه وأهل بيته ، وله أن يُشْرك في ثوابها من شاء من الأحياء والأموات ، أما الأضحية عن الميت فإن كان أوصى بها في ثلث ماله أو جعلها في وقف له وجب إنفاذ ذلك ، وإن لم يوص أو لم يوقف وأحب الإنسان أن يضحي عن من شاء من الأموات فهو حسن ويعتبر هذا من أنواع الصدقة عن الميت ، ولكن السنة أن يُشرك الإنسان أهل بيته من الأحياء والأموات في أضحيته ويقول عند ذبحها اللهم هذا عني وعن آل بيتي ، ولا يحتاج أن يُفرد لكل ميت أضحية مستقلة .ولقد اتفق العلماء على أن ذبح الأضحية والتصدق بلحمها أفضل من التصدق بقيمتها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى ولا يفعل إلا ما هو أولى وأفضل ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد .فضلها وأفضلها
: وتجزئ الشاة عن الواحد وأهل بيته وعياله لحديث أبي أيوب ( كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون ) رواه ابن ماجة والترمذي وصححه .والمنصوص عليه في الأضاحي هي الإبل والبقر والغنم ، وقال بعض العلماء بأن أفضل الأضاحي البدنة ( الإبل ) ثم البقرة ثم الشاة ثم شِرْك في بدنة ناقة أو بقرة لقوله صلى الله عليه وسلم في الجمعة : ( ومن راح في الساعة الأولى فكـأنما قرب بدنة ) وبه قال الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد ، وعلى هذا فالشاة أفضل من سبع بدنة أو بقرة ، وقال مالك الأفضل الجذع من الضأن ثم البقرة ثم البدنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين وهو صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا الأفضل ، والجواب عن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قد يختار الأولى رفقاً بالأمة لأنهم يتأسون به ولا يحب أن يشق عليهم . من فتاوى الشيخ عبد العزيزابن باز . وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة ، لما روى جابر رضي الله عنه قال نحرنا بالحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة وفي لفظ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة في واحد منها ، وفي لفظ ( فتذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها ) رواه مسلم .سبحان اللة وبحمدة سبحان اللة العظيم
: الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام ، ذكر في جواهر الإكليل شرح مختصر خليل ، أنها إذا تركها أهل بلد قوتلوا عليها لأنها من شعائر الإسلام . رسائل فقهية للشيخ ابن عثيمين ص 46 . وقد انقسم العلماء في حكمها إلى قسمين
: - أ - أنها واجبة ، قاله الأوزاعي والليث وأبو حنيفة وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد ، قال به شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو أحد القولين في مذهب مالك أو ظاهر مذهب مالك واستدل أصحاب هذا القول بما يلي : قوله تعالى : ( فصل لربك وانحر ) الكوثر ، وهذا فعل أمر والأمر يقتضي الوجوب . حديث جندب رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله ) رواه مسلم 3621 .قوله صلى الله عليه وسلم : ( من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا ) رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال في فتح الباري ورجاله ثقات .ب-أنها سنة مؤكدة ، قاله الجمهور وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد في المشهور عنهما لكن صرح كثير من أرباب هذا القول بأن تركها للقادر يُكره واستدل أصحاب هذا القول بما يلي : حديث جابر رضي الله عنه في سنن أبي داود حيث قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى فلما انصرف أتى بكبشين فذبحه فقال : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي . سنن أبي داود بشرح محمد شمس الحق أبادي ، 7/486 .ما رواه الجماعة إلا البخاري من حديث : ( من أراد منكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظافره ) . قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعدما انتهى من سرد القائلين بالوجوب والقائلين بأنها سنة مؤكدة والأدلة تكاد تكون مكافئة ، وسلوك سبيل الاحتياط ألا يدعها مع القدرة عليها لما فيها من تعظيم الله وذكره وبراءة الذمة بيقين . رسائل فقهية ص 50 .شروط الأضحية
: بلوغها السن المطلوبة ، والسن المطلوبة ستة أشهر في الضأن وفي المعز سنة وفي البقر سنتان وفي الإبل خمس سنين .سلامتها من العيوب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أربع لا يجزين في الأضاحي ، العوراء البين عورها ، المريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والعجفاء التي لا تنقي ) صحيح ، صحيح الجامع رقم 886 . وهناك عيوب أخف من هذه لا تمنع الأجزاء ولكن يكره ذبحها كالعضباء أي مقطوعة القرن والأذن ) والمشقوقة الأذن … الخ ، والأضحية قربة إلى الله ، والله طيب لا يقبل إلا طيباً ، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب .حرمة بيعها : إذا تعينت الأضحية لم يجز بيعها ولا هبتها إلا أن يبدلها بخير منها ، وإن ولدت ضحى بولدها معها ، كما يجوز ركوبها عند الحاجة ، والدليل على ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يسوق بدنة فقال اركبها ، قال إنها بدنة ، فقال اركبها في الثانية أو في الثالثة .ذبحها في وقتها المحدد ، وهذا الوقت هو من بعد صلاة العيد والخطبة ، وليس من بعد دخول وقتهما . إلى قبل مغيب شمس آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من أيام ذي الحجة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من كان ذبح قبل الصلاة فليُعد ) أخرجه البخاري ومسلم ، ولقول علي رضي الله عنه : ( أيام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده ) وهو مذهب الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح والأوزاعي والشافعي واختاره ابن المنذر عليهم جميعاً رحمة الله .ما يفعل بالأضحية
: يستحب لمن له أضحية أن يأكل أول ما يأكل منها إذا تيسر له ذلك لحديث ” ليأكل كل رجل من أضحيته ” صححه في صحيح الجامع 5349 ، وأن يكون هذا الأكل بعد صلاة العيد والخطبة وهذا قول أهل العلم منهم علي وابن عباس ومالك والشافعي وغيرهم . ويدلّ على ما تقدّم حديث بريدة رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ، ولا يطعم يوم النحر حتى يذبح . قال الألباني : إسناده صحيح : المشكاة 1/452 والأفضل أن يذبحها بيده ، فإن لم يفعل استحب له أن يحضر ذبحها .يستحب تقسيم لحمها أثلاثاً ، ثلثاً للأكل وثلثاً للهدية وثلثاً للصدقة ، قاله ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم ، كما اتفق العلماء على أنه لا يجوز بيع شيء من لحمها أو شحمها أو جلدها وفي الحديث الصحيح : ” من باع جلد أضحيته فلا أضحية له ” حسنه في صحيح الجامع 6118 ، وأن لا يعطي الجزار منها شيئاً من ذلك على سبيل الأجرة لقول علي رضي الله عنه أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنة وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها وألا أعطي الجزار منها شيئاً ، وقال نحن نعطيه من عندنا . متفق عليه . وقيل يجوز دفع ذلك إليه على سبيل الهدية ، ويجوز أن يعطى الكافر منها لفقره أو قرابته أو جواره أو تأليف قلبه . من فتاوى الشيخ عبد العزيز ابن باز .مسألة : ماذا يجب على المسلم أن يجتنب في العشر إذا أراد الأضحية ؟
:دلت السنة على أن من أراد الضحية وجب عليه أن يمسك عن الأخذ من شعره وأظفاره وبشرته من دخول العشر إلى أن يذبح أضحيته . لقوله صلى الله عليه وسلم : ” إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره حتى يضحّي “ وفي رواية فلا يمسّ من شعره وبشرته شيئاً ” أخرجه مسلم من أربعة طرق 13/146 . وهذا أمر للوجوب ونهي للتحريم على أرجح الأقوال . لأنه أمر مطلق ونهي مجرد لا صارف لهما . لكن لو تعمد وأخذ فعليه أن يستغفر الله ولا فدية عليه وأضحيته صحيحة . ومن احتاج إلى أخذ شيء من ذلك لتضرره ببقائه كانكسار ظفر أو جرح عليه شعر يتعيّن أخذه فلا بأس . لأنه ليس أعظم من المحرم الذي أبيح له الحلق للأذى ، ولا حرج في غسل الرأس للرجل والمرأة أيام العشر لأنه صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن الأخذ . ولأن المحرم أذن له أن يغسل رأسه .والحكمة من النهي عن أخذ ذلك للمضحّي أنه لما كان مشابهاً للمُحْرم في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله بذبح القربان أُعْطي بعض أحكامه ، وكذلك يوفّر شعره وأظفاره إلى حين ذبح أضحيته رجاء أن يعتقه الله كلّه من النار . والله أعلم .ومن أخذ من شعره أو ظفره أول العشر لعدم إرادته الأضحية ثم أرادها في أثناء العشْر أمسك من حين الإرادة .ومن النساء من توكّل أخاها أو ابنها في الأضحية لتأخذ من شعرها أثناء العشر وهذا غير صحيح ، لأن الحكم متعلق بالمضحي ، سواء وكَّل غيره أم لا . والوكيل لا يتعلق به نهي ، فإن النهي خاص بمن أراد أن يضحي عن نفسه كما دل عليه الحديث ، وأما من يضحي عن غيره بوصية أو وكالة فهذا لا يشمله النهي .ثم إن هذا النهي ظاهره أنه يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن آل محمد ولم ينقل أنه نهاهم عن الأخذ .ومن كان له أضحية ثم عزم على الحج فإنه لا يأخذ من شعره وظفره إذا أراد الإحرام لأن هذا سنة عند الحاجة . لكن إن كان متمتعاً قصّر من شعره عند الانتهاء من عمرته لأن ذلك نسك . والأمور المذكورة من المحظورات على المضحّي هي الواردة في الحديث السّابق فلا يحْرم على المضحّي مسّ الطّيب ولا جماع الزوجة ولا لبس المخيط ونحو ذلك . والله تعالى أعلم
.---
------------------------سبحان اللة وبحمدة سبحان اللة العظيممناسك الحج والعمرة
1.الإحرام للحج والعمرة كالوضوء والتكبير بالنسبة للصلاة. فكما لا يستطيع العبد بدء الصلاة من غير أن يكون متوضئا فهو لا يستطيع البدء في الحج أو العمرة من غير أن يكون محرما.
2.والإحرام هو الامتناع عن الأشياء والأعمال التالية (وتسمى محظورات الإحرام):
3.محظورات الإحرام: التعطر - قص الشعر والأظفار - لبس المخيط وتغطية الرأس بملاصق لها (للرجال) - لبس النقاب والقفازين (للنساء) - المباشرة أو الجماع - صيد البر - عقد النكاح.
4.وللإحرام مواقيت مكانية (حدود) يجب ألا يتخطاها الحاج أو المعتمر إلا وهو محرم.
5.وكذلك له مواقيت زمانية بالنسبة للحج فقط: فلا تستطيع الإحرام بالحج إلا في أشهر الحج فقط وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة. أما العمرة فتستطيع الإحرام بها طوال العام.
6.وبقيامك بالإحرام تكون قد بدأت في الحج أو العمرة وحرمت عليك محظورات الإحرام.
7.لذلك فأول شيء تبدأ به الحج أو العمرة هو الاستعداد للإحرام: بأن تقوم بالتنظف والاغتسال والتطيب، ثم تتخلى عما تلبس من مخيط وتمتنع عن باقي (محظورات الإحرام).
8.ثم تبدأ في حجك أو في عمرتك بالنية وتجهر بها بأن تقول: 'لبيك اللهم حجا' أو 'لبيك اللهم عمرة' أو 'لبيك اللهم حجا وعمرة' وهذا التلفظ بالنسبة للحج أو العمرة مثل التكبير بالنسبة للصلاة.وبهذا تكون قد دخلت في حجك أو عمرتك وتبدأ التلبية وتستكمل باقي الأعمال.ثانيا: خطوات الحج باختصار جدا
1.الاحرام من الميقات خلال أشهر الحج (من أول شوال وحتى التاسع من ذي الحجة).
2.طواف القدوم بعد الوصول إلى مكة المكرمة، ثم المكوث بمكة حتى يوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية).
3.في يوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية): التوجه صباحا إلى منى للمكوث بها والمبيت بها